news-details

محمودمهاوش هنا الشام حين تقف على تخوم السياسة في الشرق الاوسط تدرك سريعا ان من لا يقرأ التحولات بدقة يبتلعه التاريخ بصمت وبينما غرقت قيادات كثيرة في وحول العنف او العزلة او التبعية ظهر اسم احمد الشرع كرئيس سوري جديد يحمل ملامح مرحلة مختلفة كليا عنوانها الواقعية السياسية والتقاط الفرص بدلا من الصدام معها الشرع لم يأت من فراغ بل خرج من رحم الازمة لكنه لم يكن امتدادا لنهج تقليدي ولم يسقط في فخ الثأر او الشعارات الفارغة ما فعله ببساطة كان فهمه العميق للحظة ان العالم تغير وان الحروب لم تعد وسيلة للاستمرار وان من يريد البقاء عليه ان يعرف متى يمد يده ومتى يسحبها ومتى يصمت ومتى يتكلم في الوقت الذي كانت فيه القيادات الاقليمية اما غارقة في ارتجال التصريحات او تائهة في الحسابات الطائفية قرأ الشرع المشهد الدولي قراءة هادئة ادرك مبكرا ان الغرب وخصوصا واشنطن لم يعد يعنيه من يحكم بقدر ما يعنيه شكل الحكم وان الاقتصاد هو مفتاح القبول فأعاد رسم علاقات سوريا الخارجية لا على قاعدة الولاء القديم بل على اساس المصالح الذكية وفتح الباب لحوار مع اطراف كانت تعتبر خصومة تقليدية الغريب ان بعض فلول الطائفية في الداخل السوري من اتباع الشيخ الهجري في السويداء ومن بقايا ايتام النظام السابق في الساحل لا يزالون يرفضون الاعتراف بهذه المرحلة الجديدة ويتمسكون بوهم الحامي الخارجي حتى لو كان هذا الحامي اليوم هو نتنياهو نفسه الذي بات منبوذا في بلده ومكروها في العالم هؤلاء يعيشون في زمن آخر لم تصل اليهم بعد لغة التوازنات ولا منطق التغيير في لحظة جنون اقليمي يقودها نتنياهو الذي اختار الهروب الى الامام عبر اغراق غزة بالدم برزت دمشق بهدوء كمكان يمكن التفاوض معه كانت عواصم القرار تبحث عن طرف عاقل لا يصرخ ولا يهدد بل يفهم لغة المصالح والارقام وهنا تحديدا تفوق الشرع لم يقدم نفسه كمخلص بل كمن يمكن الوثوق بانه يعرف حدود قوته وحدود الآخرين وانه لا يبحث عن انتصار وهمي بل عن توازن واقعي اليوم في ظل ارهاق دولي من الحروب الممتدة وسعي محموم نحو الاستقرار من بوابة الاقتصاد ينجح الشرع بهدوء في تثبيت موقع سوريا كدولة يمكن التفاهم معها لا يعني ذلك ان البلاد خرجت من ازمتها تماما ولكنها خرجت من العزلة وهو ما لم تنجح فيه انظمة اقدم واكثر استقرارا الدهاء ليس في المناورة بل في فهم اللحظة وتحديد الاتجاه الصحيح حتى لو كان ضد المزاج العام والشرع بخلاف كثيرين لم يعاند العالم بل قرأه واشتغل على نفسه ليكون جزءا من معادلة الغد لا امتدادا لصراعات الامس ولأن السياسة لا تقاس بالشعارات بل بالنتائج فإن السؤال اليوم ليس ان كان احمد الشرع زعيما مختلفا بل الى اي مدى سيصمد هذا النمط الهادئ في منطقة تعشق الضجيج….



التعليقات

اضافة تعليق