news-details

في مشهد أثار موجة من الغضب والجدل، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلًا مصورًا يُظهر مجموعة مسلحين، بعضهم ملثم، يقتحمون مطعم "ليالي الشرق" الشهير في ساحة المحافظة بدمشق مساء السبت 3 أيار، ويعتدون بالضرب على روّاده، وسط ذهول الحاضرين. الفيديو الذي التقطته كاميرات المراقبة أظهر لحظات من الفوضى والعنف، حيث أُجبر عدد من الشبان على الخروج، بينما تعرضت فتيات داخل المطعم إلى اعتداءات مباشرة، ما أثار موجة استنكار واسعة عبر “فيس بوك”، وانقسمت الآراء بين مؤيد للهجوم لأسباب دينية، ورافض له باعتباره اعتداءً صارخًا على الحريات الشخصية. ورغم شائعات أشارت إلى أن المطعم "نادي ليلي"، أكدت مصادر أن "ليالي الشرق" منشأة مرخصة تعمل بشكل قانوني، ويُفترض أن تكون محمية بموجب القانون السوري، الذي يشترط وجود إذن قضائي لأي مداهمة رسمية، ويحظر استخدام العنف غير المبرر ضد المدنيين. وردًّا على الحادثة، صرّح المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية أن العناصر المتورطين لا يتبعون لأي جهة أمنية رسمية، بل ينتمون إلى مجموعة عسكرية تم إلقاء القبض عليها فورًا وتحويلها إلى القضاء المختص. وأكد البيان أن "سيادة القانون هي الأساس"، وأن أي تجاوز أو اعتداء على المواطنين سيواجه بإجراءات صارمة. وزارة الداخلية، التي لم تذكر الحادثة بالاسم، أوضحت عبر الإعلام الرسمي أن التحقيقات بدأت فور ظهور الفيديو، وتم التعرف على العناصر المعتدية وضبطهم خلال وقت قصير. وتأتي هذه الواقعة في سياق توتر عام تشهده بعض المناطق ذات الغالبية الدرزية، على خلفية تسجيل صوتي منسوب لأحد رجال الدين، ما أدى إلى اشتباكات امتدت من جرمانا إلى بلدات في السويداء، قبل أن تهدأ نسبيًا. لكن ما جعل الحادثة أكثر صدمة، هو ارتباطها بمطعم يحمل إرثًا تاريخيًا: "ليالي الشرق"، المعروف سابقًا بـ"كازينو الشرق"، أحد أقدم النوادي الليلية في دمشق، أسسه توفيق الحبوباتي عام 1951، واستضاف في تاريخه شخصيات مثل أم كلثوم والرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون. ورغم إغلاقه في السبعينيات، عاد للعمل قبل سنوات ويقدم حفلات يومية في قلب العاصمة. واقع الحياة الليلية في دمشق رغم الحادثة، تشير تقارير محلية إلى أن الحياة الليلية في دمشق تسير بشكل طبيعي، والمقاهي والبارات تعمل كالمعتاد دون أي تهديدات أو إغلاقات رسمية. بل إن محافظة دمشق كانت قد تراجعت في آذار الماضي عن قرار مفاجئ بإغلاق مطاعم في باب توما والقصاع، ما يُظهر أن المزاج الرسمي لا يتجه نحو التضييق على أماكن السهر. انتهاك صارخ للقانون قانونيًا، يرى خبراء أن ما جرى يُعد انتهاكًا واضحًا لأصول الإجراءات، إذ لا يحق لأي جهة أمنية أو عسكرية – ناهيك عن جهات غير رسمية – تنفيذ مداهمة دون إذن من النيابة العامة، كما يُجرّم قانون العقوبات السوري الاعتداء الجسدي، حتى في الحالات المرتبطة بالأخلاق العامة. في نهاية المطاف، تسلط الحادثة الضوء على تصدع خطير في التعامل مع القانون والحريات في سوريا، وتفتح الباب لتساؤلات واسعة حول حدود السلطة، واحترام الكرامة الإنسانية، وسيادة القانون في الفضاء العام.



التعليقات

اضافة تعليق