خبر اعتقال خالد العبود يحمل أبعاداً تتجاوز كونه توقيفاً لشخصية عامة؛ فالرجل الذي قضى قرابة 16 عاماً نائباً في البرلمان وعُرف بدفاعه المستميت عن النظام، يُعتقل اليوم بصمت، دون تبرير رسمي أو تفسير إعلامي، وكأن النظام ذاته قرر شطب تلك الحقبة من الذاكرة. العبود، بالنسبة لكثير من السوريين، كان يمثل صوت الإنكار المزمن، المتبني لروايات السلطة حتى في أكثر لحظاتها دموية. خروجه المفاجئ من المشهد بهذا الشكل يوحي بتحول ما، ولو جزئي، في شكل التعاطي مع رموز النظام التقليديين، خصوصاً أولئك الذين أصبح وجودهم عبئاً على الصورة التي تحاول الإدارة الجديدة رسمها بعد أكثر من عقد من الحرب والتفكك. اللافت أن التوقيت يتزامن مع حملة أمنية تطال أسماء كانت حتى وقت قريب فوق الشبهات، أو محمية بمواقعها. وهذا يُلمّح إلى أن ما يحدث ليس مجرد محاسبة فردية، بل ربما جزء من ترتيب داخلي لإعادة إنتاج النظام بوجوه أو لهجة مختلفة. سواء كان الهدف داخلياً – كإسكات أجنحة متصارعة – أو خارجياً – كمحاولة تحسين شروط التفاوض مع المجتمع الدولي – فإن اعتقال شخصية مثل العبود يرسل رسالة واضحة: لا أحد بمنأى عن المساءلة، حتى لو كان من أكثر المدافعين إخلاصاً. الشارع السوري، خاصة في مناطق الجنوب مثل درعا التي ينحدر منها العبود، تابع الخبر بمزيج من الدهشة والسخرية. البعض اعتبر ما حدث "عدالة متأخرة"، وآخرون رأوه مجرد تصفية حسابات بين أجنحة السلطة. لكن في كل الأحوال، بدا أن اعتقال العبود لم يثر تعاطفاً يُذكر، لا من الموالين ولا من المعارضين، بل قوبل بصمت بارد يليق برجل فقد تأثيره منذ زمن، وبات رمزه أكبر من أثره الفعلي. ما جرى مع العبود ليس نهاية شخص، بقدر ما هو فصل جديد في رواية نظام يتقن تغيير ملامحه من دون أن يغيّر جوهره.
التعليقات